الرئيسية / اخبار ثقافية / أيقونة الشعر العراقي لميعة عباس عمارة

أيقونة الشعر العراقي لميعة عباس عمارة

غيب الموت الشاعرة العراقية لميعة عباس عمارة في الولايات المتحدة الأميركية عن عمر ناهز 92 عاما، بعد صراع مع المرض، تاركة إرثا ثقافيا كبيرا.
ونعت الرئاسة العراقية ونقاد وأدباء الشاعرة الراحلة، بوصفها أحد أعمدة الشعر المعاصر في العراق، ورائدة من رواد الشعر العربي الحديث.
وكتب الرئيس العراقي برهم صالح إن “الراحلة زرعت ذاكرتنا قصائد وإبداعًا أدبيا ومواقف وطنية، حيث شكّلت عمارة علامة فارقة في الثقافة العراقية، في العاميّة والفصحى”.


كما نعى وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي حسن ناظم الشاعرة الراحلة، وقال إنها “تميزت بشاعريتها الشفافة، وعاطفتها الجياشة وحبها العظيم لوطنها وناسها، رغم ابتعادها القسري الطويل عن الوطن”.
و نعى الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق الشاعرة القديرة لميعة عباس عمارة، وقال في بيان “وداعًا أيتها الصوت النابض بالحياة والإنسانية، ستظل قصائدك تطير بجناحين من ورد وندى.. فقدانك يمثّل حزنًا ضاربًا في أنساغ القلب، ودمعةً مؤلمة”.

جيل مغامر
ولأنها كانت شاعرة جاءت وسط احتدامات التمرد الشعري والبحث عن شكل جديد للقصيدة العربية التي كانت تسيطر عليها قصيدة العمود، فإن هذه الولادة جعلتها في موضع التقدير.
تكريس الصوت الأنثوي
وكتبت الشاعرة الراحلة الشعر منذ أن كانت في 12 من عمرها، وكانت ترسل قصائدها إلى الشاعر المهجري إيليا أبو ماضي، الذي كان صديقًا لوالدها، ونشرت لها مجلة السمير أول قصيدة وهي في 14 من عمرها، وعززها إيليا أبو ماضي بنقد وتعليق مع احتلالها الصفحة الأولى من المجلة، إذ قال “إن كان في العراق مثل هؤلاء الأطفال فعلى أية نهضة شعرية مقبل؟”

حياتها
وتعد لميعة عباس عمارة -المولودة في بغداد عام 1929- من أبرز الشاعرات العراقيات التي زاملت شعراء الحداثة الشعرية العراقية في دار المعلمين العالية ببغداد، مثل بدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي وابن خالها عبد الرزاق عبد الواحد منتصف خمسينيات القرن الماضي.
وتوجت مسيرتها الحافلة بـ6 دواوين شعرية، هي: “الزاوية الخالية” عام 1960، و”عودة الربيع” عام 1963، و”أغانى عشتار” عام 1969، وكذلك “يسمونه الحب” عام 1972، و”لو أنبأني العراف” عام 1980، وأخيرا “البعد الأخير” عام 1988، فضلا عن عشرات المقالات والقصائد المنشورة والكتب النقدية التي تناولت تجربتها.
ولميعة ليست من اللواتي عانين كثيرا من شظف العيش، بل كان والدها زهرون عمارة صائغ ذهب وفضة، وكان معروفا كما هي حال كثير من المشتغلين بهذه المهنة من الديانة الصابئية.
واتسم شعر لميعة عباس عمارة بجرأة ورومانسية مرهفة، ولغة محكمة التراكيب والمفردات، فضلا عن عذوبة في الإلقاء، مما جعلها تحتل مكانة في خارطة الشعر العربي كإحدى أهم الشخصيات الشعرية النسوية.
هاجرت لميعة من العراق عام 1978، لترتحل بين الدول، وتقيم في النهاية بأميركا. وقبل هجرتها، كانت عضوا في هيئة الأدباء العراقيين، وكانت في الهيئة الإدارية مع الشاعر محمد مهدي الجواهري وبلند الحيدري وأسماء معروفة أخرى.

علاقتها بالسياب
وكانت لميعة في شبابها جميلة جدا، وكانت زميلة السياب بدار المعلمين العالية، ويقال إنها كانت من الفتيات اللواتي أحبهن في شبابه، وهو يذكرها بمواضع عدة في شعره؛ من أبرزها قصيدته التي عنوانها “أحبيني لأن جميع من أحببت قبلك ما أحبوني”.
وعن ذلك تقول لميعة -في مقابلة صحفية- إنها والسياب كانا أصدقاء، تقرأ له ويقرأ لها، ويتناقشان في كل شيء، مشيرة إلى أنها أهدته الكثير من قصائدها في حياته وغيابه، وهو كتب إليها الكثير. وأشارت إلى أنها أهدته قصيدة ” شهرزاد” عندما كانا معا في الدراسة، وهي تقول:
“ستبقى ستبقى شفاهي ظِماءْ
ويبقى بعينيَّ هذا النداء
ولن يبرح الصدرَ هذا الحنين
ولن يُخرس اليأسُ كلَّ الرجاء”
وآخر ما أهدته قصيدة سمّتها “لعنة التميّز” في بداية التسعينيات، بعد أكثر من ربع قرن على رحيله، وقالت فيها:
“يوم أحببتك أغمضت عيوني
لم تكن تعرف ديني
فعرفنا وافترقنا دمعتين
عاشقا مُتَّ ولم تلمس الأربعين”

آخر قصائدها
ومن بين آخر ما كتبته الشاعرة لميعة عباس عمارة في مايو/أيار 2019، يوضح حالة الشعور بالحيرة والتذكر لحالة النضال:
“لماذا يحط المساء
‏حزينا على نظرتي الحائرة
‏وفي القرب أكثر من معجب
‏وأني لأكثر من قادرة؟
‏أنا طائر الحب
‏كيف اختصرت سمائي
‏بنظرتك الآسرة؟”

ومن قصائدها الأخيرة أيضا
“أنا بنتُ النضالِ
أرضعني الجوعُ
وأوهى مفاصلي الحرمانُ
خُضتُهُ غَضَّةً،
ففي كلّ فَجٍّ من حياتي
مجرى دَمٍ وسنانُ”.

عن محرر الموقع

شاهد أيضاً

إسدال الستار على الدورة الـ 33 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب

القرار يسدل معرض أبوظبي الدولي للكتاب الستار على دورته الـ 33 اليوم الأحد، بعد أن …